نعيب زماننا والعيب فينا

نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فيناوَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانَ بِغَيرِ ذَنبٍوَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍوَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا
قصائد الإمام الشافعي

يا بؤس للقلب بعد اليوم ما آبه

يَا بُؤسَ لِلقَلْبِ بَعْد اليَوْمِ ما آبَهْ
 ذِكرَى حَبيبٍ ببعضِ الأرْضِ قد رَابهْ
قالّتْ سُلَيْمى أرَاكَ اليومَ مُكْتَئِباً
والرَّأْسُ بَعدي رَأيتُ الشّيْبَ قد عابه
وحَارَ بَعْدَ سَوَادِ الرَّأْسِ جُمَّتَهُ
كمِعْقَبِ الرَّيطِ إذْ نَشَّرْتَ هُدَّابهْ
ومَرْقَبٍ تَسْكُنُ العِقْبانُ قُلَّتَهُ
أشْرَفْتُهُ مُسْفِراً والنَّفْسُ مُهْتَابَهْ
عَمْداً لأرْقُبَ مَا لِلجَوِّ مِنْ نَعَمٍ
فَناظِرٌ رائِحاً مِنْهُ وعُزَّابَهْ
وقدْ نَزَلْتُ إلى رَكْبٍ مُعَقَّلَةٍ
شُعْثِ الرُّووسِ كأنَّ فَوْقَهُمْ غابَهْ
لَمَّا رَكِبْنا رَفَعناهُنَّ زَفْزَفَةً
حَتى احْتَوَيْنَا سَوَاماً ثمَّ أرْبَابَهْ
قصيدة إمرؤ القيس الكندي

فدتك يدي من عاتب ولسانيا

فَدَتكَ يَدي مِن عاتِبٍ وَ لِسانِياوَقَولِيَ في حُكمِ العُلا وَ فَعالِيا
فَإِنَّ يَزيدَ وَالمُهَلَّبَ حَبَّباإِلَيكَ لمَعالي إِذ أَحَبّا المَعالِيا
وَلَم يورِثاكَ القَولَ لا فِعلَ بَعدَهُوَما خَيرُ حَليِ السَيفِ إِن كانَ نابِيا
تَرى الناسَ فَوضى في السَماحِ وَلَن تَرىفَتى القَومِ إِلّا الواهِبَ المُتَغاضِيا
وَإِنّي صَديقٌ غَيرَ أَن لَستُ واجِداًلِفَضلِكَ فَضلاً أَو يَعُمَّ الأَعادِيا
وَلا مَجدَ إِلّا حينَ تُحسِنُ عائِداًوَكُلُّ فَتىً في الناسِ يُحسِنُ بادِيا
وَما لَكَ عُذرٌ في تَأَخُّرِ حاجَتيلَدَيكَ وَقَد أَرسَلتُ فيها القَوافِيا
حَرامٌ عَلَيَّ غَزوُ بَذٍّ وَأَهلِهاإِذا سِرتُ وَالعِشرونَ أَلفاً وَرائِيا
فَلا تُفسِدَن بِالمَطلِ مَنّاً تَمُنُّهُفَخَيرُ السَحابِ ما يَكونُ غَوادِيا
فَإِن يَكُ في المَجدِ اِشتِراءٌ فَإِنَّهُ اِشتِراؤُكَ شُكري طولَ دَهري بِمالِيا
البحتري

القيم المنقرضة

في الدرب الطويل، يسكن الصبرُ،
مثل السحاب، في صمته يعتمرُ.
يُبنى بالدمع، ولا يتزعزع،
تحت الغيم، يتنفس، ولا ينهزم.
وفي العفو، بحرٌ عميق،
يخفي الهمس، ويطوي السقيع.
لا يراه سوى من غرق في الظلام،
وفي نسيانٍ، ينبت السلام.
أما الإخلاص، فهو نورٌ خفي،
يضيء الطريق، في الهدى يفي.
لا يعترف بالزمن ولا بالقدر،
وفي القلب، لا يتبدل ولا يغدر.
تسير الأرواح بين المدى البعيد،
والكلمات تهمس، والأفعال تبيد.
لا شيء يدوم في هذا الكون الزائل،
إلا ما كان في الصمت ثابتًا، لا يضائل.
رزيڨ مريم

سكون

و كأنها لمسة من وداع مختصم
موعد للآفاق معتصم
أترفضين قلبا أقسم
بفؤاد حمام مشتمل
و قول صديق هل أنا مبتدع
وصال والشمس مقتصيا
هل أنت يا نجم مستسلما ؟
لقضاء كالمهد منتئم…
أحبك فوق كل ساكنا
و في سبيل كل شاهد ملتزم..
هل أنا منهزما و هل أنت مصدقتي
طارق إبراهيم صالح

حين يبوح العتاب بالحب

أما كنتِ يومًا لصوتي الوضوح؟
أما كنتِ ملجأً لقلبي الجروح؟
تركتِني وحدي في بحرِ الشقاء،
وضاعَ الأمانُ، وأنتِ السفوح!
وهل كنتَ أنتَ لوجعي السند؟
أمِ الحلمُ كانَ، وفيه خلدت؟
كنتُ أزرعُ فيك الحنينَ ورودًا،
وأنتَ الذي في الهجرِ اجتهدت!
هَجرتُكِ؟ كلا، بل أنتِ البعيدة،
سكنتِ الصمتَ، وجعلتِهِ قصيدة.
أنا منْ أرادَ أن نبقى كما كنّا،
ولكنَّكِ في كلِّ دربٍ عنيدة!
عنيدة؟ بل قلْ كنتَ أنتَ الغريب،
تغيبُ، وتتركُ للحيرةِ نصيب.
أنا منْ وهبتُك قلبًا بلا ترددٍ،
وأنتَ الذي أوصدَ البابَ قريب!
لا ننكرُ الحبَّ، لكنَّا ضعاف،
أثقلتِ قلبي بأحمالِ الخلاف.
ورغمَ الفراقِ الذي كنتِ سببه،
قلبي إليكِ، ما زالَ يشتاقُ ويعاف.
الحبُّ أكبرُ من عتبٍ يقال،
يبقى وإن جارَ علينا المحال.
فرغمَ الأذى، والقسوةِ بيننا،
قلبي إليكَ يعودُ في كلِّ حال
محمود سلمان بن رجب

حديث القدس

يَا قُدسُ أَيَّ كَلَامٍ سَوفَ أَبتَدِئُعَن أَيِّ حَالٍ غَدَونَا فِيه مِن كَدَرِ
بَقَيَّةُ الظُّلمِ جَارَت فِي أَذِيَّتِنَافِي غُربَةِ النَّفسِ وَالأَوطَانِ وَالبَشَرِ
أُفضِي إِلَيكِ البَلَايَا قِصَّةً تُروَىفِي قِطعَتَينِ مِنَ الأَكفَانِ وَالخُمُرِ
نَبكِي مَوَاجِعَ قَهرٍ مِن مَحَاجِرِنَاوَتَذرِفُ العَينُ مِدرَاراً مِنَ العِبَرِ
فَوقَ الغَمَامِ جَلَسنَا نَشتَكِي وَصَباًنُشَاهِدُ المَوتَ لَفَّ الرُّوحَ بالدُّثُرِ
نَرَى السَّمَاءَ اكفَهَرَّت فَوقَنَا غَضَباًتُلقِي عَلَينَا الرَّدَى كَوَابِلِ المَطَرِ
تَأبَى الطُّيُورُ ارتِحَالاً عَن مَسَاكِنِهَاوَتَألَفُ الدَّارَ أَكوَاماً مَنَ الحَجَرِ
وَيَرفُضُ الكَونُ وَالأَقوَامُ جِيرَتَنَاوَسَلَّمَتنَا شِرَارُ الإِنسِ لِلضَّرَرِ
كَأَنَّمَا الدَّهرُ قَد تَاهَت نَوَائِبُهُوَلَم يُلَاقِ سِوَانَا أَصبَرَ الزُّمَرِ
تَعدُو خُطَانَا عَلَى الأَهوَالِ تَارِكَةًثَوبَ المَنَايَا وَأَسمالَاً مِنَ الأَثَرِ
لَم يَبقَ مِنَّا سِوَى مَا خَطَّهُ القَدَرُوَمَا حَمَلنَا عَلَى الأَكتَافِ وَالدُّسُرِ
قَد آثَرَ النَّاسُ فِي الهَيجَاءِ مَقتَلَنَاوَآلَفَت عَينُهُم ذَبحَاً مِنَ النُّحُرِ
نَمُوتُ جُوعاً أَمَامَ العُربِ قَاطِبَةًوَهُم شُهُودٌ بَأَحدَاقٍ بِلَا بَصَرِ
سَبعُونَ عَامَاً وَمَا هَانَت عَزَائِمُنَانُهدِي السَّمَاوَاتِ أَقمَاطاً مِنَ الدُّرَرِ
حُدُودُ وَهمٍ عَلَى الأَورَاقِ قَد رُسِمَتسِجنٌ مِنَ الحِبرِ قَد أَضحَى مِنَ الجُدُرِ
تَنَاسَتِ النَّاسُ أَنسَاباً لها شَرَفٌوَنَحنُ عُربٌ مدى الأَزمَانِ مِن مُضَرِ
فَكُلُّ أَوطَانِنَا فِي القُدسِ جَوهَرُهَاوَكُلُّ أَطفَالِنَا عَلَى خُطَا عُمَر
أحمد أبو راشد

اهديكِ

أهديكِ وردة حمراء خضبها السواد
كبنان الخود خضبها دمي
يا لوعتي على الزمان حين صّدت
و خلتني غريق ببحر المندمِ
ما أبقت الأيام الا صور في خيالي
الحان و ترانيم يتلوها فمي
رسم محياك لم يزل يا أجمل
لوحة جوّدها الرسام بالقلمِ
بعطر شذاها و مياس قدها
و لذيذ حديثها و قوس المباسمِ
يا ريح الصبا سيري في سما نجد
و عرجي ببغداد عليهم سلمي
و خليني في صنعاء وحدي فريداً
و نار الشوق في صدري تَّضرمِ
و قولي لهم ذكرى المودة جمرها
يكوي العروق و يسري في دمي
و خذي مني قبلة تلثم قانية
اللمى عهدتها حمراً مشابهة الدمِ
سيبقى خاطري يرسم من خيالِ
احلام الصبا يبني القصور و يهدمِ
الدكتور صالح مهدي عباس المنديل